لم تسلم أية فئة من فئات المجتمع من الانتهاكات المتعددة للفصائل المسلحة بحق السكان الأصليين منذ احتلال عفرين في آذار/مارس 2018، وشملت تلك الانتهاكات أيضاً الفئات المستضعفة من الأطفال والنساء إلى جانب كبار السن الذين باتوا مستهدفين من خلال جرائم القتل والاعتداء عليهم بالضرب، وإهانتهم وفرض الضرائب عليهم، وتعرضهم للسرقة بهدف ترهيبهم وتهجيرهم من مدنهم وقراهم، وهم الأكثر تشبثاً بالأرض والشجر.
وبتاريخ 5 كانون الثاني/ يناير 2024، تعرض المسن “عبدالحميد مصطفى يوسف” (72 عاماً) وزوجته “فاطمة حنان يوسف” (67 عاماً) وابنته “كليشان عبدالحميد يوسف” (40 عاماً) من أهالي قرية “مامولو/مامللي” التابعة لناحية راجو في منطقة عفرين، للضرب والسرقة من قبل مجموعة مسلحة داهمت منزلهم في القرية الواقعة تحت سيطرة فصيل “الفرقة التاسعة” التابع للجيش الوطني السوري.
وبعد تواصل باحث/ة ليلون مع مصادر مقربة من الضحايا، أوضح أحد أبناء عبد الحميد يدعى “ريزان يوسف” الذي يقيم خارج منطقة عفرين في إفادته بتاريخ 8 كانون الثاني/يناير 2024 ما يلي:
“كانت الساعة تقارب الثانية صباحاً من يوم الجمعة، تسللت مجموعة مسلحة إلى منزل والدي حيث كانت عائلتي نائمة في غرفة واحدة، وفجأة، استفاق الجميع على صوت أحدهم يدفع الباب بقوة، ليرى أبي وأمي مجموعة مسلحة مؤلفة من ستة أشخاص داخل غرفتهم، وكان هناك أشخاصٌ آخرون يقفون خارج الغرفة، إلى أن قام شخصٌ مسلح بتعصيب أعين والدي ووالدتي وربط أفواههم، وهامت شقيقتي كليشان بالركض إلى خارج الغرفة لطلب النجدة، ليقوم أحد العناصر بضربها على وجهها بقوة ووقعت على الأرض، فقاموا بسحبها إلى الغرفة وربطوها كي لا تصدر صوتاً، ثم قام أحد العناصر بضرب والدي ووجه أمي بأخمص سلاحه. وسحبوا خاتم أمي من بنصرها بالقوة (خاتم زواجها منذ خمسين عاماً)، وهنا انهالوا على أبي وأمي بالضرب العشوائي وقاموا بسرقة حلق أختي وهاتفين جوالين وجهاز الراوتر، وذهبوا إلى الغرفة الأخرى لنبشها إلى أن وجدوا سوارتين ذهبيتين لشقيقتي كليشان ومبلغ مالي حوالي (1000) دولار أمريكي وأخذوها. “.
كما أكّد “ريزان” أنّ والده يعاني من مرض السكري ومن الضغط، كما أنّ والدته كانت تعاني من كسرٍ سابق في يدها اليمنى، وزاد الاعتداء عليها ألماً ومعاناة مضاعفة.
وشهدت المنطقة انتهاكاتٍ مماثلة في أوقاتٍ سابقة استهدفت مسنين آخرين، منهم من تعرض للقتل على أيدي مجموعات مسلحة مجهولة، بهدف السرقة والترهيب، كما حدث مع المسنين محي الدين أوسو (78 عاماً) وزوجته “حورية محمد بكر” (74 عاماً) من أهالي قرية قطمة التابعة لناحية شران في 25 آب/أغسطس 2019، حيث تعرضا لضربٍ شديد بعد اقتحام مجموعة مسلحة لمنزلهما الكائن في حي الأشرفية في مدينة عفرين، مما أدى إلى فقدان الزوج لحياته على الفور، كما قاموا بضرب المسنة حورية على قفصها الصدري، لتصاب على إثره بنزيف داخلي شديد أدى إلى فقدانها لحياتها فيما بعد بتاريخ 6 أيلول/سبتمبر 2019.
بتاريخ 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2018 فقدت المواطنة عائشة حنان (80 عاماً) حياتها، بعد تعرضها للسرقة من قبل مجموعة مسلحة داهمت منزلها الواقع في قرية برج عبدالو في ناحية شيراوا، وتم إجبارها على تسليمهم مبلغاً مالياً بالإضافة لمصاغها، وأثناء محاولتها لطلب النجدة قاموا بإسكاتها وخنقها حتى فقدت حياتها.
كما فقدت المواطنة “فاطمة كنه” (80 عاماً) حياتها خنقاً، بتاريخ 19 نيسان/أبريل 2020 على يد فصيل “لواء سمرقند” بعد اقتحام منزلها في قرية هيكجة التابعة لناحية شيخ الحديد/شيه، وذلك أثناء تواجد أبنائها في أراضيهم الزراعية.
وفقدت المواطنة الإيزيدية “فاطمة حمكي” (60 عاماً) من أهالي قرية قطمة في ناحية شران، حياتها بتاريخ 27 حزيران/يونيو 2018 بعد إلقاء قنبلة يدوية على منزلها من قبل مجهولين. وكان زوج فاطمة “حنان بريم” قد تم اعتقاله وتعذيبه في أحد سجون الفصائل المسلحة وأفرج عنه بعد دفعه فدية مالية، ولاحقاً تعرضت أسرته لمضايقات.
إنّ الحالات المذكورة أعلاه هي جزء من الانتهاكات التي طالت العديد من المسنين/ات من السكان الأصليين في منطقة عفرين بغية ترهيبهم/ن وإهانتهم/ن وإجبارهم/ن على ترك منازلهم.