نتيجة تفاقم حالات الفقر المدقع في أماكن النزوح اضطرّت عائلات من السكان الأصليين في الآونة الأخيرة للعودة إلى قراهم ومنازلهم في منطقة عفرين، ومعظمهم من حلب ولبنان وشهبا. ويعزو السبب حسب حديث بعض الأهالي العائدين إلى المنطقة لـ”ليلون” إلى سوء الأوضاع الاقتصادية وتزايد نسبة البطالة والارتفاع الشديد للأسعار، بالإضافة إلى تراجع سعر العملة مقارنة بالدولار. هو الأمر الذي دفع أغلب الأهالي هناك إلى أخذ قرار العودة إلى المنطقة رغم خطورة ذلك وسط تفشي انعدام الأمن وكثرة الانتهاكات.
حيث أفاد مصدر محلي لـ”جمعية ليلون للضحايا” أنّه في بداية شهر تموز/يوليو 2023 عاد المواطن ” د. ش” برفقة زوجته من مدينة حلب إلى مسقط رأسيهما في بلدة المعبطلي/موباتو التابعة لمنطقة عفرين، وسكنا مع أهله في منزلهم بالبلدة. نتيجة سوء وضعه المادي وحالة الفقر الشديد الذي كانا يعانيانه.
وبعد فترة تم الإبلاغ عنه لفصيل السلطان سليمان شاه (العمشات) الذي يسيطر على البلدة، وقام الفصيل باستدعائه والتحقيق معه وفرض عليه دفع مبلغٍ قدره 400 دولار لقاء “تسوية وضعه” والسماح لهما بالبقاء في البلدة.
ووفق المصدر أنّ المواطن المذكور يعاني من إعاقة في إحدى قدميه، وليس لديه القدرة على دفع هذا المبلغ، فاضطرّ أن يستدين من أقاربه ومعارفه الذين ساعدوه، حتى تمكّن من تأمين المبلغ ودفعه للعمشات.
وفي هذا الشأن كشف مصدرٌ آخر لـ”ليلون” أنّ فصيل العمشات في بلدة المعبطلي أقدم على اعتقال الشاب “حسن قازقلي بكر” الذي عاد من حلب، وبعد وصوله إلى البلدة قام بدفع 500 دولار، لكنّ الفصيل قام باعتقاله فيما بعد بحجة خدمته الإلزامية لدى الجيش السوري، ولم يتم إطلاق سراحه بعد.
يذكر أنّ وصوله إلى البلدة قد كلّفه مبلغ 500 دولار عبر طرق التهريب التي يسيطر عليها الفصائل المسلحة بين منطقتي شهبا وعفرين.
وبحسب معلومات خاصة حصلت عليها “ليلون” من مصادر مقربة من الأهالي العائدين، أنّ الأهالي يُجبرون على دفع مبالغ مالية للفصائل لقاء بقائهم واسترجاع بيوتهم أو إدارة أملاكهم بشكلٍ نسبي. حيث يتم استدعاء كل شخص عائد إلى عفرين من السكان الكرد إلى المقرات الأمنية بغرض تسوية أوضاعهم، ويتم إطلاق سراح البعض منهم بعد دفعهم لمبالغ مالية متفاوتة.
وفي السّياق، وثقت “ليلون” في تقريرٍ سابق فرض غرامات مالية على الأهالي العائدين إلى ناحية شيه/شيخ الحديد وقرى أخرى تقع تحت سيطرة فصيل السلطان سليمان شاه المعروف بـ”العمشات”، حيث أفاد مصدر محلي لـ”ليلون”، أنّ فصيل العمشات قد أجبر الأهالي الكرد العائدين إلى المنطقة على دفع مبالغ مالية بحجة تسوية أوضاعهم.
وتقول (زليخة سعدون/ اسم مستعار) التي فضلت عدم ذكر اسمها الحقيقي لدواعٍ أمنية، لـ”ليلون”، وهي من السكان الأصليين التي عائدت مؤخراً إلى المنطقة قادمة من حلب:
“لقد اضطررنا على العودة إلى القرية، ووضعنا نصب أعيننا العواقب التي سوف تواجهنا أثناء مجيئنا. حيث تم استدعائي برفقة ابني للتحقيق في مخفر الناحية فور وصولنا، واستلمنا المنزل بعد أنْ دفعنا مبلغاً قدره 1200 دولار أمريكي. كانت أوضاعنا في مدينة حلب متدهورة لعدم توفر فرص العمل، وهنا (في عفرين) نضطرّ لدفع مبالغ طائلة لقاء المكوث في دارنا وإدارة أملاكنا، حيث يفرض الفصيل المسلّح على الأهالي أتاوات متفاوتة أثناء جنيهم لمحاصيلهم، فلم نعد نعرف كيف سنتدبر أمورنا في ظل الظروف الاقتصادية الصّعبة”.
ويخاطر الأهالي بالعودة إلى مناطقهم نتيجة سوء المعيشة في المناطق التي يتواجدون فيها، بينما يصطدمون بمواقف المجالس المحلية التي تتعاون مع الفصائل المسلحة في جمع وفرض مبالغ مالية من المواطنين بدلاً من تخفيف الأعباء عن المواطنين ومساعدة العائدين لاسترداد منازلهم وأملاكهم.