لم تتوقف الانتهاكات بحق عائلة “بشمرك” عند جريمة “نوروز 2023” في جنديرس التي راحت ضحيتها أربعة شبان كرد من عائلة واحدة على يد فصيل “جيش الشرقية”، بل استمرت تلك الانتهاكات لتشمل التهديدات المتكررة ومحاولات استهداف أفراد العائلة، كانت آخرها حادثة الاعتداء على حفيد العائلة من قبل مجموعة مسلحة يعتقد أنّها من الفصيل ذاته.
ففي تاريخ 25 تموز/يوليو2023، تعرّض حفيد عائلة “بيشمرك” القاصر “نظمي أشرف عثمان” والذي يبلغ من العمر خمسة عشر عاماً، للاعتداء بالضرب على يد مجموعة مسلحة ملثمة.[1]
تواصلت “ليلون” مع عدد من أقرباء الضحية، من خلال باحثها الميداني، والذي أورد شهادة مفصّلة حول حيثيات حادثة الاعتداء، حيث فضّل المصدر عدم ذكر اسمه لدواعٍ أمنية وخوفاً من الانتقام، و جاء في الإفادة ما يلي:
“لم تكن هناك عداوات سابقة بين نظمي وأيّ من عناصر فصيل جيش الشرقية قبل هذه الحادثة. لكن وفي حوالي الساعة العاشرة والنصف من مساء يوم 25 تموز/يوليو 2023 توجّه نظمي إلى صالون الحلاقة الذي يعمل فيه، بقصد إحضار مروحة المحل الأرضية إلى منزله، لعدم استطاعته النوم في ذلك اليوم بسبب موجة الحرّ الشديد التي تجتاح المنطقة. وبعد إغلاقه المحل ووصوله إلى زاوية شارع منزله، تهجّم عليه شخص ملثّم وقام بوضع سكين على عنقه قائلاً له “إياك أن تتفوه بحرف واحد، ما إن تكلمت سأقوم بذبحك على الفور، نحن (الشرقية/يقصد جيش الشرقية) ومباح لنا أخذ ثأرنا“، ورأى نظمي أنّه محاطٌ بمجموعةٍ تتكون من خمسة أشخاص، الذين هاموا عليه بالضرب على بطنه ومختلف أنحاء جسمه، ثم قاموا برميه على الأرض وإلقاء حجرة كبيرة على ظهره، واستقلوا السيارة بسرعة وصاح السائق بهم: “لماذا لم تقتلوه وتذبحوه، إنه يستحق الموت، إنه كردي“، ليقوم السائق بدهس يديه، تاركين الطفل وراءهم في وسط الشارع”.
بعد ذلك، قام نظمي بالزحف على الأرض بصعوبة إلى أن تمكن من الوصول إلى المنزل، ليقوم والده “أشرف” بفتح الباب ونقله إلى مشفى ” الرجاء” في منطقة “عقربات” التابعة لمحافظة إدلب المحاذية لبلدة جنديرس، واتضح بعد الكشف الطبي أنّ الطفل قد تعرض للضرب المبرح نتج عنه كسور بليغة في ظهره وكلتا يديه ورضوض قوية. وبعد تلقي العلاج وإحضاره إلى المنزل، تدهورت حالته الصحية، ليتم نقله مجدّداً إلى مشفى “آفرين” وتركيب قثطرة له، حيث تتم متابعة علاجه في المنزل.
تعدّ هذه ثالث حادثة بعد جريمة نوروز بحق عائلة “بشمرك”، بعد أنْ تعرّض بعض أفراد العائلة للتحقيق والاستفزاز والتهديدات من قبل حواجز الفصائل المسلحة المنتشرة على الطريق الممتد من بلدة الراعي إلى عفرين بتاريخ 20 حزيران/يونيو 2023 أثناء عودتهم من جلسة المحاكمة الثانية في قضية مقتل الشبان الأربعة، التي عقدت في بلدة “الراعي” التابعة لمنطقة اعزاز.
وفي حادثة أخرى، تعرضت العائلة في وقتٍ سابق لتهديدات من قبل أحد عناصر “جيش الشرقية” يدعى “محمد بوقراص” المعروف بـ”أبو جاسم” في 30 مايو/أيار 2023، عندما تهجّم على منزلهم وقام بإطلاق النار في الهواء، الأمر الذي خلق جواً من الخوف والرعب لدى أفراد العائلة، ولاذ هارباً فيما بعد دون أن يتم اعتقاله أو محاسبته.
لاقت جريمة جنديرس عقب مقتل أربعة شبان كرد من عائلة “بيشمرك” عشية ليلة نوروز في 20 مارس/آذار 2023، أصداء واسعة واستنكاراً من قبل جهات دولية ومنظمات حقوقية ومدنية سورية، طالبت بمحاسبة الجناة الذين تورطوا بجريمة قتل أبناء العائلة ووقف الانتهاكات الممنهجة بحق السكان الكرد في عفرين منذ احتلالها عام 2018، إلا أنّ الجناة لم يحاكموا بعد.
وقد فاقمت حادثة الاعتداء على الطفل “نظمي” مخاوف أهالي الضحايا من تكرار انتهاكات جديدة بحقهم لعدم وجود مؤسسات أمنية مستقلة تصدّهم وتحمي العائلة، حيث تتكرر حوادث إطلاق النار من قبل عناصر “جيش الشرقية” أمام منازل عائلة “بشمرك” بقصد تهديدهم وتخويفهم لإجبارهم على التنازل عن حقّهم في الادّعاء.
[1] تداولت وسائل إعلام محلية ووسائل التواصل الاجتماعي خبر الاعتداء وأشارت إلى أنّ “نظمي” يبلغ من العمر 19 عاماً، لكن “جمعية ليلون للضحايا” تحققت من كون أنّ المجني عليه هو طفل قاصر، بعد أن اطلعت على نسخة من بطاقة تعريف خاصة به.