أعدّت منظمة “بيل- الأمواج المدنية” تقريراً عن انتهاكات حقوق السكن والأراضي والملكية في منطقة عفرين ونشرتها بتاريخ 24 يوليو/تموز 2023، تضمنت موجز شهادة 90 مهجراً قسرياً من سكان المنطقة من الكرد ممن تعرضت ممتلكاتهم للسلب أو التدمير على يد فصائل المعارضة السورية والقوات التركية نفسها التي تسيطر على المنطقة. وبيّن التقرير المكتوب استناداً للمقابلات والشهادات التي تمت إجراءها مع 30 امرأة و60 رجلاً وجود أنماط متعددة من انتهاكات حقوق الملكية.
إضافة إلى الشهادات تم جمع الأوراق والوثائق الدّاعمة للملكية وتحديد مواقع ممتلكاتهم على خرائط غوغل وبرسم اليد أثناء مقابلاتهم، وإرفاق صور المنازل والممتلكات ضمن التقرير.
ووصف التقرير التدخل والسيطرة التركية على عفرين بـ”الاحتلال”، وذلك اعتماداً على مواد القوانين والمعاهدات الدولية والتي تثبت أنّ الوجود التركي في عفرين يعتبر “احتلالاً”. كما أشار التقرير إلى أنماط متعددة لانتهاكات حقوق السكن والأراضي والملكية في عفرين من خلال التحليل الذي أجرته “بيل”، على الشكل التالي:
- استهداف وتدمير ممتلكات أفراد مدنيين/ات غير مشاركين/ات في أية أعمال قتالية: حيث أورد العديد من الشهود الذين قابلتهم “بيل” شهاداتٍ عن قصف بالطيران والصواريخ تعرّضت لها المنازل والبيوت خلال فترة العملية العسكرية والتي تعود ملكيتها للمدنيين. وقال عدد ممن قابلهم بأن منازلهم أو عقاراتهم تعرّضت للقصف أثناء عمليات “غصن الزيتون” مما أدى إلى تدميرها بشكل كامل أو إلحاق أضرار جزئية بها.
- الاستيلاء على منازل وممتلكات خاصة للمدنيين/ات أو مصادرتها بشكل تعسفي ونهب محتوياتها: خلال المقابلات التي تمت إجراؤها كانت عمليات الاستيلاء على منازل سكان المنطقة المدنيين بما تحتويه وممتلكاتهم الأخرى من سيارات وآليات زراعية من أنماط الانتهاكات الأكثر شيوعاً. فقد تم توثيق الاستيلاء على 124 منزل سكني، و42 محضر عقاري أو محل تجاري، بكل ما تحتويه. بالإضافة إلى حالات الاستيلاء على 13 سيارة خاصة، 9 جرارات أو آليات زراعية، و20 دراجة نارية، و10 آليات لمعامل صناعية من قبل عناصر الجيش التركي ومختلف المجموعات المسلحة التابعة له التي شاركت في عملية “غصن الزيتون”.
- الاستيلاء وتدمير ممتلكات المدنيين/ات من الأراضي الزراعية والمواشي والأشجار المثمرة ونهب محاصيلها: حيث أوردت إفادات الشهود عمليات استيلاء واسعة طالت الأراضي الزراعية للسكان وأشجارها المثمرة أو قطعها بشكل جائر، بالإضافة إلى نهب محاصيلهم وحرمانهم منها، وتم توثيق الاستيلاء على (37.856) شجرة زيتون و(9.340) شجرة فاكهة وكروم، والاستمرار في الاستيلاء على محاصيلها السنوية. الاستيلاء على 245 رأس ماشية، ونهب653 تنكة زيت زيتون و3 طن صابون زيت الغار. كما أظهرت الشهادات قطع أو اقتلاع ما لا يقل عن 2.764 شجرة وحرق أكثر من 270 شجرة مثمرة، عائدة لهؤلاء الشهود وعائلاتهم.
- عدم تقديم حلول فعّالة، سواء أكانت إدارية أو تنفيذية أو قضائية، لحماية أو إنصاف الضحايا الذين تم انتهاك حقوقهم: ضمن الـ (90) شهادة التي تمت توثيقها لم تكن هناك سوى حالة واحدة فقط تمكن من خلالها أحد الضحايا من استعادة منزله الذي كان قد تم الاستيلاء عليه سابقاً. أما جميع الحالات المتبقية فقد أكد فيها الضحايا على خوفهم وعدم تجرؤهم على السؤال أو المطالبة بممتلكاتهم خشية التعرض للضرب أو الاعتقال أو الاهانات، وكذلك عدم ثقتهم بالمؤسسات الموجودة وفاعليتها أو جدواها.
يتضح من الشهادات التي تم جمعها أنّ تركيا لم تقم بأيّة من واجباتها بحماية المدنيين وممتلكاتهم أو ملاحقة المنتهكين أو معاقبتهم لمنع التكرار. لم تقدْم السلطات التركية والجهات الفاعلة التابعة لها على اتخاذ أية إجراءات من شأنها تقديم حلول فعّالة، سواء أكانت إدارية أو تنفيذية أو قضائية، لحماية أو إنصاف الضحايا الذين تم انتهاك حقوقهم، و/أو حتى تأمين حقهم في العودة الآمنة لمنازلهم.
وفقاً للتقرير فإنّ جميع من تمت مقابلتهم أفادوا بأنّهم لا يجرؤون على العودة ولا المطالبة بممتلكاتهم خوفاً من الاعتقال. كما لا يمكنهم توكيل أقاربهم للمطالبة بالممتلكات ولا التواصل مع جيرانهم خشية معاقبتهم من الفصائل المسيطرة وتعريضهم للاعتقال.
وفي الختام أوردت “بيل” مجموعة من التوصيات للجهات الفاعلة على الساحة السورية للقيام بالإجراءات والخطوات اللازمة والتي قد تساعد في إيجاد حل يوقف الانتهاكات وعمليات الاستيلاء والانتصاف لضحاياها وتخفيف آثارها. حيث أوصت “بيل” لجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بسوريا والأمم المتحدة، الاستمرار بمتابعة الانتهاكات المرتكبة في مناطق السيطرة التركية في سوريا وتوثيقها، ولا سيما المتعلقة بحقوق الأرض والسكن والملكية، وإعداد تقارير موسّعة في هذا المجال، كما طالبت كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي بضرورة التعامل مع الوجود التركي في سوريا كـ”قوة احتلال”، ودعم السكان المحليين ومجموعات الدفاع عن الضحايا، كذلك طالبتهم بوضع المجموعات العسكرية والهيئات السياسية والأشخاص المتورطين في الانتهاكات على لوائح العقوبات وملاحقتهم قضائياً، وبالتالي مساءلة الائتلاف الوطني السوري الطرف الأساسي في ارتكاب الانتهاكات.
كما أوصت المنظمة في تقريرها المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية بالضغط على الدولة التركية للاعتراف بحالة الاحتلال على المنطقة، وتحمل مسؤولياتها كدولة احتلال في حماية السكان المدنيين/ات وممتلكاتهم، وضمان العودة الآمنة والكريمة لسكان المنطقة الذين أجبروا على الهروب من مناطقهم. كما عليها حثّ الائتلاف والضغط من أجل إصدار قرار بأنّ جميع عمليات البيع والشراء التي تمت في المنطقة باطلة حتى التوصل لاتفاق سياسي وفقاً لقرار مجلس الأمن 2254 أو أيّ قرارٍ أممي آخر.
يعتبر حقوق السكن والأراضي والملكية HLP للنازحين والمهجرين قسرياً نتيجة النزاعات المسلحة محطّ اهتمام دولي، باعتبارها تدخل ضمن سياق حقوق الإنسان التي تهدف المعاهدات الدولية إلى حمايتها وضمانها ومنع انتهاكها.