تواصل الفصائل المسلحة التابعة للجيش الوطني السوري ارتكاب الانتهاكات بحق السكان الأصليين وممتلكاتهم في منطقة عفرين ونواحيها بشكل متكرّر، وتزداد وتيرة تلك الانتهاكات وتتعدّد أثناء المواسم الزراعية خاصة في موسم جني الزيتون الذي يشتهر به منطقة عفرين السورية.
رصد فريق “ليلون” قسماً من تلك الانتهاكات عبر الباحثين/ات الميدانيين/ات الذين/اللواتي تواصلوا/ن مع ذوي وأقارب ضحايا الانتهاكات ومتابعة مواقع أخبارية مفتوحة المصدر، واستطاع فريق “ليلون” التأكّد من وقوع الانتهاكات المتضمنة في التقرير التي شملت انتهاكات حقوق الإنسان من اعتقال وتعذيب وتهديد إلى انتهاكات حقوق الملكية من استيلاء على المواسم الزراعية وسرقتها، وفرض الضرائب والأتاوات بحجج مختلفة، كما شملت فرض ضرائب وغرامات مالية على العائدين من مناطق النزوح إلى بيوتهم في قرى ومدن منطقة عفرين لقاء تسوية أوضاعهم أو مقابل استرداد أملاكهم وممتلكاتهم وبيوتهم.
وقد تحفّظت المصادر التي تواصل معها الباحثين/ات الميدانيين/ات على ذكر معلوماتهم الشخصية، وتحفّظ البعض على ذكر أسماء المعرّضين للانتهاكات خشية تعرضهم للمضايقة من قبل الفصائل المسلحة.
تبيّن من خلال رصد “ليلون” لعمليات قطف الزيتون التي اضطرّ البعض من أصحابها الجني باكراً أنّ ذلك أدّى إلى نقصٍ كبير في إنتاج الزيت بسبب عدم نضوج الثمار، وذلك خوفاً من السرقات الكثيرة من قبل المجموعات المسلحة التي تقوم بها وهم مدججين بالأسلحة، دون أن يتجرأ أصحاب تلك الحقول المسروقة على تقديم الشكاوي ضدهم.
والملفت أكثر في هذا التقرير هو الضرائب الباهظة التي فرضتها الفصائل على مواسم الزيتون والتي تراوحت بين 4 ألف دولار إلى 25 آلاف دولار، الأمر الذي أثقل كاهل السكان الأصليين وعجز بعضهم على دفعها.
خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر 2023 تم رصد وتوثيق الحالات التالية من قبل فريق “ليلون”، وهي على الشكل التالي: (5) حالات اعتقال، (11) حالة سرقة محاصيل الزيتون، و(4) حالات دفع فدى مالية لقاء استرداد أملاكهم وبيوتهم أو لقاء الإفراج عنهم، و(6) حالات فرض ضرائب على المواسم الزراعية والتي شملت ستة قرى، و(1) حالة استيلاء على موسم الزيتون، و(2) حالة تهديد بالاعتقال والتعذيب، (3) حالات انتهاكات أخرى شملت إطلاق نار على شخص مدني، واعتداء وحشي على أشجار الزيتون، ومحاولة التحرش بالطالبات.
أورد التقرير أسماء الفصائل المسلحة المتورطة في عمليات الانتهاكات، وهي: (8) حالات لفصيل العمشات، (4) حالات للشرطة المدنية، (3) حالات للحمزات، (2) حالة للسطان مراد، (1) حالة جيش النخبة، (1) حالة لرجال الحرب، (1) حالة لفيلق الشام، (1) حالة لعاصفة الشمال، (1) حالة لشرطة مكافحة الإرهاب.
والانتهاكات التي تم توثيقها بعد رصدها هي كالآتي:
- في بداية شهر تشرين الأول/أكتوبر 2023 قام فصيل “سليمان شاه” المعروف بالعمشات بفرض ضرائب على أهالي قرية “آنقلة” التابعة لناحية شيخ الحديد/شيه، كما فرضوا ضريبة قدرها نصف دولار على كل تنكة زيت زيتون فارغة، ويأخذ الفصيل نسبة 10% من إنتاج الزيت المستخرج من أهالي القرى التي تحت سيطرتها، وفرض 4 دولار على كل شجرة زيتون العائدة ملكيتها للسكان الأصليين. أما بالنسبة للمغتربين المقيمين خارج منطقة عفرين فقد فرضوا مبلغاً قدره 20 دولار على كل شجرة زيتون. هذه الأتاوات ما عدا الضرائب على المعاصر التي تكاد تعمل لصالح الفصائل من كثرة الضرائب عليها. ومن بعض الأشخاص الذين تم فرض الضرائب عليهم: ((رشيد بريم 21 ألف دولار، زعيم توبو 22 ألف دولار، محمد حمو أحمد 10 آلاف دولار، زكي حسو 9 آلاف دولار، محمد عزت 6 آلاف دولار)).
- في بداية شهر تشرين الأول/أكتوبر 2023 فرض فصيل “العمشات” في قرية “آلكانا” التابعة لناحية شيخ الحديد/شيه 20 دولار على كل شجرة من الأشجار العائدة ملكيتها للسيد “محمود جميل” والبالغة حوالي 2500 شجرة، الذي يقيم خارج منطقة عفرين، حيث كان يدير أخوه “فيصل جميل” الذي يقيم في القرية أملاكه، إلى أنْ استولى الفصيل على كامل الموسم بسبب عدم دفعه للضريبة المطلوبة.
- في منتصف شهر تشرين الأول/أكتوبر 2023 فرض فصيل “سليمان شاه” (العمشات) ضرائب مالية على المواسم الزراعية لأهالي قرية “سنارة” التابعة لناحية شيخ الحديد/شيه، حيث شملت الضرائب معظم أهالي القرية، ومن بين الأسماء: “عبد الله شيخ محمد تم فرض ضريبة 25 ألف دولار، وأخوه مصطفى شيخ محمد 3500 دولار، هؤلاء يديرون أملاك أخوتهم المغتربين، فقد فرض الفصيل على كل شجرة للمغتربين 20 دولار. وأيضاً تم فرض ضريبة قدرها 12 ألف دولار على المواطن “أحمد أوغراش”، كما قام الفصيل بفرض ضريبة قدرها 6500 على رجلٍ فقير جداً يدعى “جلال” وهو راعي بعينٍ واحدة لديه 25 رأس ماشية ويدير أملاك أخوته. وقد تداول أهالي القرى نباً مفاده أنّ فصيل العمشات الذي يسيطر على حوالي 90 قرية، يسعى لأن يجمع من كل تلك القرى مبلغاً يصل إلى 30 مليون دولار.
- بتاريخ 2 تشرين الأول/أكتوبر 2023 قام فصيل “سليمان شاه” (العمشات) التابع للجيش الوطني السوري بفرض ضريبة مقدارها 2000 ألفي دولار على المواطن الكردي “زهير محمد شعبان”، 39 عاماً من أهالي بلدة معبطلي لقاء استرجاع منزله والإقامة فيه. كما هدّد الفصيل المواطن زهير بتحويل ملفه إلى الشرطة الحرة (استخبارات الشرطة المدنية) في حال امتنع عن دفع المبلغ المطلوب. بينما كان “محمد علي خوجة”، 35 عاماً من معبطلي الذي قد ذهب من حلب الشيخ مقصود مع زوجته وأولاده إلى عفرين، لكنه لم يكن قادراً على دفع الضريبة التي تمّ فرضها البالغ 1000 ألف دولار لفصيل “سلطان مراد” لاستعادة منزله، فعاد خائباً إلى حلب ثانية.
- بتاريخ 3 تشرين الأول/أكتوبر 2023 قامت اللجنة الاقتصادية التي تمّ تشكيلها من قبل فصيلي الحمزات والعمشات بعقد اجتماع مع أهالي قرية “كوكان فوقاني وكوكان تحتاني” بناحية معبطلي بحضور مخاتير تلك القرى، وقاموا بإحصاء أشجار الزيتون العائدة ملكيتها للسكان الأصليين، وفرض ضرائب عليها وفقاً لذلك. وتراوحت الضرائب بين 40 إلى 50 تنكة زيت، بما لا يقل عن 10 تنكات زيت لكل عائلة. كما قام فصيل العمشات المسيطر على القرية بوضع حراسة على حقول الزيتون مقابل مبالغ مالية يدفعها أصحاب تلك الحقول، ووفقاً للمصادر المحلية أنّ هؤلاء الحراس أنفسهم يقومون بسرقة المواسم، حيث تنتشر حالات السرقة بكثرة. وعدا عن ذلك تمّ فرض ضريبة أخرى قدرها 2 ليرة تركية على كل شجرة زيتون، عليهم دفعها حتى يتم السماح لهم بجني المحصول. وقد طالبت نفس اللجنة الاقتصادية الأهالي بإرسال الزيتون بعد جنيه إلى معصرة ” دار كبير/ داركير”، لكن أهالي القرية رفضوا، ونتيجة ذلك فرضت اللجنة ضريبة أخرى على كل من رفض إرسال المحصول إلى معصرة داركير.
- بتاريخ 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023 اعتقلت “شرطة مكافحة الإرهاب” في عفرين المواطن “شيخو حسن حمدي”، 55 عاماً من أهالي قرية ميركان/حسيه التابعة لناحية معبطلي، بتهمة التعامل مع الإدارة الذاتية في عفرين، وتم اقتياده إلى جهة مجهولة، ولم يتم إطلاق سراحه بعد، علماً أنه يعاني من أمراض عصبية.
- بتاريخ 9 تشرين الأول/أكتوبر 2023 اعتقلت الشرطة المدنية في عفرين المواطن “محمد رمزي كيلو”، 29 عاماً من قرية “أرندة” التابعة لناحية شيخ الحديد/شيه، وهو أب لأربعة أولاد، حيث يطالبه الفصيل بدفع فدية قدرها 1500 دولار لقاء إطلاق سراحه، وإلا سوف يقضي ثلاث سنوات في السجن. وقامت الشرطة المدنية باعتقال المواطن “محمد رمزي كيلو” من منزله بقرية “سوركيه” التابعة لناحية راجو، وذلك بعد عودته من مدينة حلب في نهاية شهر أيلول 2023، ولا يزال معتقلاً في “سجن معراته المركزي” بمدينة عفرين.
- بتاريخ 10 تشرين الأول/أكتوبر 2023 اعتقلت الشرطة المدنية التابعة للجيش الوطني السوري كل من الشاب “محمد عارف علو”، 35 عاماً، و”سيوار محمد حمدي”، 27 عاماً، في قرية ميركان/حسيه التابعة لناحية معبطلي بريف عفرين بتهمة أداء الخدمة العسكرية لدى الإدارة الذاتية في عفرين، وتمّ اقتيادهما الى جهةٍ مجهولة، ولايزال مصيرهما مجهولاً إلى الآن.
- بتاريخ 10 تشرين الأول/أكتوبر2023 أفاد مصدر محلي من عفرين لباحث/ة ليلون بأنّ هناك مدرسة بمنطقة عفرين، وهي “مدرسة شران المركزية”، يوجد فيها معلم نازح ينحدر من محافظة حلب يدعى “أحمد خليل”، يتحدث بألفاظ سيئة بذيئة مع الطالبات ويتحرش بهن. وقد حصل المصدر على عدة شهادات لطالبات من السكان الأصليين ومن النازحين اللواتي أكدْن جميعاً صحة المعلومات. ويذكر أنّ المعلّم كان قد تمّ ترحيله من تركيا في وقتٍ سابق، وهو مدرّس اللغة التركية في المدرسة.
- بتاريخ 15 تشرين الأول/أكتوبر 2023 قام فصيل العمشات في قرية “كاخرة” التابعة لناحية معبطلي، بسرقة موسم الزيتون العائد ملكيته لعدد من المواطنين، من بينها سرقة 150 شجرة بالكامل، وسرقة سبعة أشجار أخرى العائدة ملكيتها لمواطن آخر، وأيضاً سرقة أشجار لمواطنين آخرين. ومن بعض الأشخاص الذين تمت سرقة مواسمهم: ((محمد عيسو، سمير حسن، محمد حسن، حسن حنان، فاطمة عيسو”. كما أبلغ فصيل العمشات الأهالي في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2023 بفرض غرامة مالية قدرها 3.5 دولار على كل شجرة زيتون، واعترض أهالي القرية على القرار لعدم قدرتهم على دفع المبلغ. وفي اليوم التالي قام الفصيل بجمع شباب القرية وأخذ منهم الهواتف الشخصية، وهددهم بأنّهم اشتاقوا لأصوات التعذيب.
- بتاريخ 19 تشرين الأول/أكتوبر2023 أقدمت الشرطة المدنية وفصيل “عاصفة الشمال” الذي يسيطر على قرية “كمروك” التابعة لناحية معبطلي على اعتقال المواطن “محمد شيخو” الملقب “حجي كسكو”، 52 عاماً، ذلك بسبب مطالبته بأملاكه وبيته في القرية، فاتهموه بالتعامل مع الإدارة الذاتية، وفرضوا عليه غرامة مالية قدرها 10 آلاف دولار، حيث قام بدفعها حتى تم إخلاء سبيله بتاريخ 29 تشرين الأول/أكتوبر 2023. يذكر أنّ المدعو “محمد شيخو” كان يقيم في بلدة “تل رفعت” التابعة لمنطقة شهبا، وذهب إلى عفرين هو وأولاده.
- بتاريخ 20 و 21 تشرين الأول/أكتوبر 2023 تعرضت حقول الزيتون للسرقة من قبل الفصائل المسلحة في قرية “ميدانكي” التابعة لناحية شران. وتعود الحقول المسروقة للأشخاص التالية أسماءهم: ((خليل حاجي محمد أبو وليد، إبراهيم داوود، نوري عثمان، عبدو رحيم، حسن كوسا)) وأسماء أخرى. ولا يعرف بالضبط من هي الجهة أو الجهات التي ارتكبت الانتهاكات، لكن الفصائل المسيطرة على القرية كلها يشتبه بارتكابها، وهي: ((الحمزات، سلطان مراد، جيش النخبة، رجال الحرب، فيلق الشام)). وقد منعت الفصائل المسلحة منعت الأهالي من قطاف الزيتون قبل شهر تشرين الثاني، إلا أنّ عناصر تلك الفصائل يذهبون ليلاً مدججين بالأسلحة ويقومون بقطاف أعداد كبيرة من الأشجار لحقول تعود ملكيتها لأهالي القرية دون أن يتجرأ أحد من أصحابها على تقديم الشكوى.
- بتاريخ 25 تشرين الأول/أكتوبر 2023 قام عناصر الفصائل المسلحة المسيطرين على قرية “كمروك” التابعة لناحية معبطلي/موباتو بسرقة موسم الزيتون ل50 شجرة الواقعة بين كمروك وميدانكي والتي تعود ملكيتها للمواطن “محمد مصطفى شوطو”، 65 عاماً. من جهته حصلت “ليلون” على مقطع فيديو يظهر فيه عملية سرقة الموسم والاعتداء على أشجار الزيتون في قرية كمروك بشكلٍ وحشي العائدة ملكيتها للمواطن “محمد مصطفى شوطو” من قبل عناصر فصيل الحمزات دون إبداء أي احترام أو اهتمام بممتلكات السكان الأصليين.
- في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2023 أرسل فصيل “سليمان شاه” (العمشات) في قرية “كاخرة” التابعة لناحية معبطلي/موباتو إيصالات مالية لدفع الضرائب للأهالي، حيث كانت الإيصالات تحوي على مبالغ مرتفعة بالمقارنة مع الموسم. حتى الأرامل لم تسلم منها، حيث اعتبروا أملاكهن من فئة “المغتربين”، وتوجد 67 أرملة في قرية “كاخرة”. كما فرض الفصيل ضرائب على حصة كل شخص في العائلة يقيم خارج البلاد، وقد تجاوزت المبالغ المفروضة 4000 دولار على بعض العائلات. وأمهلهم الفصيل حتى رأس السنة لتسديد المبالغ المطلوبة، وسوف يتعرض للعقوبات كل من يتأخر عن دفع المبلغ.
- قام أحد عناصر فصيل “سلطان مراد” يوم السبت بتاريخ 21 تشرين الأول/أكتوبر 2023 بإطلاق النار على الشاب “خليل سيسو”، من أهالي قرية باسوطة، برفقة خطيبته وابنة عمه “آهين سيسو” أثناء شراء احتياجات العرس، فتبعهم أحد عناصر الفصيل يدعى “الشيشاني” بالقرب من مطعم “كبصو” الكائن في طريق راجو، وأطلق النار على الشاب خليل، تعرّ على إثرها إلى إصابة في الكتف، نقل إلى المشفى لتلقي العلاج، وتمّ تسليم الفتاة “آهين” إلى الشرطة العسكرية. وذلك لأنّ الفصيل كان قد ضغط على والد “آهين” لتزويجها إلى أحد عناصره، الأمر الذي رفضه ابن عمها “خليل”.