نتيجة الفلتان الأمني وعدم إيلاء أية أهمية لسلامة المواطنين، والتساهل مع مرتكبي الانتهاكات في منطقة عفرين وخاصة ضد الكرد من السكان الأصليين، تشهد المنطقة حالات القتل بين حينٍ وآخر، كانت آخرها مقتل المواطن الكردي “جمال كولين علي”، متأثراً بجراحه أثناء إطلاق النار عليه من قبل مسلحين.
ففي يوم الثلاثاء 18 حزيران/يوليو 2024 في ثالث أيام عيد الأضحى أقدم عناصر حاجز طيار بين قريتي جويق – داركير التابعتين لناحية معبطلي في حوالي الساعة الثانية بعد منتصف الليل بإطلاق النار على مواطنيْن هما: “جمال كولين علي” الملقب بعائلة “بكر سيوه”، 26 عاماً متزوج ولديه طفلتين، و”محمد وليد عليكو”، 22 عاماً، عندما كانا عائديْن من عملهما في مدينة الملاهي بمركز مدينة عفرين، وأصيبا بجروحٍ بليغة، نُقلا على إثرها إلى المشفى التخصصي في عفرين.
فيما بعد اعتقلت الشرطة العسكرية في معبطلي مواطناً كردياً يدعى “بكر عدنان بكر” من قرية “داركير”، بسبب شهادته على الحادث الذي وقع عندما كان يسير خلفهما على دراجته النارية.
وأفاد مصدر خاص ل”ليلون” مقرّب من الضحايا من المنطقة بأنّ: “الحادث وقع في حوالي الساعة الثانية بعد منتصف الليل، وليس في الساعة التاسعة مساءً كما ادّعت بعض المصادر، ولم يجري الحادث على الحاجز العسكري، بل جرى في منطقة بين قريتي جويق وداركير/دار كبير، وقد تعرضا لإطلاق النار من قبل عناصر من فصيل الحمزة بهدف سرقة (تشليح) المواطنين، وظنّ الشابان بأنهم عصابة قطاع طرق، فحاولا النجاة إلا أنهما أصيبا“.
من جانبه، قال “عبد الرحمن كولين” شقيق الفقيد جمال، على قناة روداو: “كان أخي عائداً إلى منزله من العمل في الملاهي على دراجة نارية، وعندما حاول المسلحون الاستيلاء على دراجته، هرب وأطلقوا عليه النار من الخلف، فأصيب في ظهره وتوفي في المستشفى“.
وفي هذا الصدد أكّد مصدر آخر مقرّب من الضحية ل”ليلون” رفض الكشف عن اسمه لدواعٍ أمنية: “أنّ المسلحين الذين أطلقوا النار على جمال ومحمد كانوا ملثمين“.
في غضون ذلك، قال “أحمد حسن”، عضو قيادة المجلس الوطني الكردي في عفرين: “قمنا بزيارة جمال ومحمد في المشفى السوري التخصّصي، حيث كانت صحة جمال في تحسّن، وتحدّث إلينا، بينما كان وضع محمد ليس على ما يرام، لكن في اليوم التالي سمعنا بوفاة جمال كولين“. وفي نفس الموضوع أكّد مصدر آخر ل”ليلون” من المنطقة أنّ “حالة جمال في المشفى كانت مستقرة، إلا أننا تفاجأنا في اليوم التالي بوفاته“، الأمر الذي يولّد شكوكاً في محاولة قتله في المشفى لأسباب غير معروفة.
كما أكدّت مصادر أخرى بأنّ مرتكبي الحادث هم من فصيل الحمزة عندما أعلنت الشرطة العسكرية بأنّها تسلّمت عنصرين من فرقة الحمزة قاما بإطلاق النار على الشابين.
وفي وقت سابق أصدرت الشرطة العسكرية في عفرين بياناً أدّعت فيه أنّ الشابين لم يستجيبا لتعليمات الحاجز فتعرّضا لإطلاق النار، الأمر الذي نفاه بشكلٍ قاطع عدد من المصادر ل”ليلون” ذلك الادّعاء، وقالت بأنّ: “حوادث قطع الطريق في نفس الموقع تكرّر خلال السنوات الماضية بهدف سلب الأموال (تشليح) من الناس، إلا أنه لم يتجرأ أحد ممن تعرضوا لحوادث النهب على الإدلاء بأية معلومات خوفاً من العواقب الوخيمة“.
وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أنّ: “قوات الجيش الوطني قد ارتكبت انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان عبر عملية القتل، ويجب محاسبة مرتكب الانتهاك“.
رغم الادّعاء بأنّ الأجواء الأمنية بدأت تتحسّن في منطقة عفرين مع عودة عددٍ من العائلات من مناطق النزوح إليها، إلا أنّ وقوع هكذا حوادث تكشف عكس ذلك، فما تزال الانتهاكات بمختلف أنماطها مستمرة في جميع أنحاء المنطقة وسط تكتم الأهالي والضحايا خشية تبعاتها نتيجة التهديدات المستمرة من قبل الفصائل لهم في حال نشرهم أو تصريحهم لأي خبر عن الانتهاكات أو تقديمهم شكاوي أمام المحاكم التي لا تقوم بواجباتها بشكلٍ عادل، كما حدث في محاكمة مرتكبي جريمة قتل أربع شبان كرد في جنديرس ليلة نوروز 2023، حيث تم تبرئة رأس الفتنة “أبو حبيب” الذي يتجوّل حراً طليقاً في عفرين وجنديرس.