سوريا/عفرين: تقرير حقوقي دولي يتحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان في عفرين

بتاريخ 14 أيار/ مايو 2024 أصدر مركز “سيزفاير” لحقوق المدنيين ومركز “ياسا” الكردي لحقوق الإنسان للدراسات والاستشارات القانونية تقريراً مفصلاً عن الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون في منطقة عفرين من قبل الفصائل المسلحة التابعة للجيش الوطني السوري تحت عنوان “تصاعد الانتهاكات في عفرين السورية“، وقُدّم التقرير إلى لجنة التحقيق المستقلة المعنية بسوريا التابعة للأمم المتحدة.

يقدّم التقرير الانتهاكات المتصاعدة في عفرين السورية في الفترة بين تشرين الثاني/نوفمبر 2022 ولغاية تشرين الثاني/نوفمبر 2023، بناءً على توثيق 152 حالة تم الإبلاغ عنها، وبالاعتماد على شهادات من الضحايا والشهود أو المصادر.

تناول التقرير حالة حقوق الإنسان في منطقة عفرين بعد عام من تعرضها لزلزال مدمّر، التي أخذت في التدهور بشكل أكبر، كما رصد مركز “سيزفاير” و”ياسا” انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في عفرين منذ عملية “غصن الزيتون” التركية عام 2018 عندما احتلت القوات التركية والفصائل المسلحة التابعة للجيش الوطني السوري، منطقة عفرين الواقعة شمال غربي سوريا.

تشمل الحوادث المبلّغ عنها مجموعة واسعة من الانتهاكات المستمرة لحقوق السلامة الجسدية للمدنيين في المنطقة من خلال الاحتجاز التعسفي والتعذيب والاختطاف بهدف الحصول على فدية، والزواج القسري والعنف القائم على النوع الاجتماعي، بالإضافة إلى تجنيد الأطفال من قبل الفصائل المسلحة، وتأثير الزلزال والتمييز في توزيع المساعدات، واستمرار تواجد القوات التركية في عفرين واستمرار الهجمات على الاحتفالات الثقافية مثل عيد نوروز. علاوة على ذلك، أظهرت نتائج التقرير تحولات ديموغرافية من خلال التهجير القسري، وتدمير القبور والمواقع التاريخية، ونبش المواقع الأثرية غير القانونية، والتدمير المتعمد لأشجار الزيتون، وحرق الحقول، وانتهاكات حقوق السكن والأرض والملكية في المنطقة.

وقد أورد التقرير حالة عن الانتهاكات ضد النساء أنه: “دخلت مجموعة مسلحة من ستة عناصر مجهولين منزل أم وابنتها البالغة من العمر 18 عاماً في عفرين واختطفت ابنتها بتهم تتعلق بالعمل مع الإدارة الذاتية، فقامت الأم بالبحث عنها في مختلف مقرّات الفصائل المتشددة، وزودتهم بالتفاصيل حول ابنتها وصورتها، لكنها لم تعثر على أية أدلة عن مكان وجودها، لذلك اضطرت الأم أنْ تنتقل من عفرين إلى حلب بحثاً عن الأمان لها ولأطفالها الآخرين”.

وفيما يتعلق بحالات الزواج القسري ذكر التقرير أنّ: “فتاة إيزيدية تبلغ من العمر 15 عاماً من قرية قريبة من مدينة عفرين أُجبرت على الزواج من رجل أكبر منها بثلاثة عشر عامًا بسبب الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها عائلتها، حيث تحملت الفتاة معاناة جسدية ونفسية طوال فترة الزواج التي استمرت ستة أشهر، تمكنت الفتاة في النهاية من الحصول على الطلاق. ومع ذلك، واجهت الأسرة تهديدات، وطالب الرجل الذي تزوّجها بمبلغ 25 ألف دولار مقابل السماح لها بالطلاق. وللهروب من هذا الوضع، اضطرّت الأسرّة إلى ترك قريتها والانتقال إلى مدينة حلب”.

وذكر التقرير حادثة أخرى عن انتحار فتاة تبلغ من العمر 17 عاماً من قرية “ميدان إكبس” التابعة لناحية راجو عندما أُجبرت على الزواج من أحد عناصر الفصائل المسلحة.

كما نشر التقرير العديد من حالات الاستيلاء على ملكيات وأراضي السكان الأصليين الكرد من قبل الفصائل المسلحة في مختلف قرى ونواحي المنطقة، منها أنّ: “أحد أهالي قرية حاج حسنلي بناحية جنديرس أفاد أنّ مجموعة مسلحة مجهولة اقتحمت منزله بالقوة وهدّدته وأمرته بإخلائه خلال 24 ساعة. وحذّروه من العواقب، بما في ذلك الموت، إذا أبلغ عن الحادث، ولم يكن أمامه سوى إخلاء منزله دون أخذ أي ممتلكات شخصية معه. بعد العيش مع والده لمدة شهرين، عرض على المسلحين الذين يحتلون منزله مبلغ 2000 دولار، لكنهم رفضوا العرض وهدّدوه بالقتل إذا حاول العودة إلى منزله”.

وأورد التقرير العديد من حالات قطع الأشجار المثمرة العائدة ملكيتها للمدنيين من السكان الأصليين عنوة، وفي هذا الصدد، تحدث التقرير عن حالة أنّ “رجلاً إيزيدياً يبلغ من العمر 34 عاماً من قرية قسطل جندو في ناحية شران قد صرّح أنّ مجموعة مسلحة تابعة لفصيل الجبهة الشامية، قامت بالدخول عنوة إلى منزله، ثم اقتيد إلى أرضه، حيث قام أفراد من الفصيل المسلح بتقييده إلى شجرة زيتون، وشرعوا في قطع أشجاره – 133 شجرة زيتون و 16 شجرة لوز – أمام أنظاره، كما قاموا بضربه وكسر إصبعين من يده اليمنى، وهدّدوه بالقتل إنْ حاول تقديم شكوى ضدهم”.

الجدير بالذكر أنّ العديد من التقارير الدولية تحدثت عن الانتهاكات التي ترتكبها الفصائل المسلحة التابعة للجيش الوطني السوري والمدعومة من تركيا، ودعمت تلك التقارير بشهادات من ناجين/ات وضحايا وشهود من المنطقة، إلا أنّ وتيرة الانتهاكات لم تخف، وكان أهمها تقرير هيومن رايتس ووتش، تحت عنوان ” كل شيء بقوة السلاح” وتقرير لجنة التحقيق الدولية للعام الحالي 2024، إضافة إلى تقارير حقوقية أخرى من منظمات محلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *