أعادت التقارير التي أظهرت رجلان إيزيديان وهما “يشهران إسلامهما” بحضور أحد مشايخ ريف حلب الغربي، المخاوف من إجبار القلة الباقية من الايزيديين في عفرين على اعتناق الإسلام، كما ذكّرت المجتمع المحلي العفريني بالانتهاكات الواسعة التي تعرّض لها الكرد والإيزيديون في عفرين، منذ عملية “غصن الزيتون” التركية في عام 2018.
وكان مقطع فيديو نُشر في نهاية شهر آذار/مارس 2023، توسط الشيخ “أحمد زيوك” مواطنان إيزيديان من قريبة “قيبار” التابعة لمركز مدينة عفرين، وهما: حيدر عارف وشيخو عارف، قبل أن يقوما بإشهار إسلامهما وترديد الشهادة.
وذكر نشطاء محليون لاحقاً، أنّ الرجلين يسكنان في المنطقة منذ عشرات السنين، وقد تعرضا للاعتقال من قبل فصيل مسلّح معارض بعد غزو المنطقة إلى جانب القوات التركية، ثم قاموا بسؤالهم عن الصلاة الإسلامية وفيما إذا كانوا يعرفونها أم لا، فردّا بأنّهما من أتباع الديانة الإيزيدية، حيث أجبرهم العناصر على الصلاة آنذاك. علماً أنهما تعرضا للخطف بعد ذلك عدّة مرات وسُرقت محتويات منازلهم واستمرّ التهديد والوعيد بحقهما.
ويتعرض الكرد في منطقة عفرين بشكلٍ عام والإيزيديون بشكلٍ خاص لانتهاكات مستمرة من قبل الفصائل المسلحة السورية المدعومة من تركيا منذ احتلال عفرين عام 2018. حيث تقول “جميلة” وهي إيزيدية من قرية كيمار نزحت قسراً من عفرين في حديثها لجمعية ليلون: “أنّ أهالينا الإيزيديين يعانون من حالة خناق تمنعهم من ممارسة شعائرهم الدينية مقارنة بفترة ما قبل الاحتلال. الأمر الذي أجبر الأهالي على إخفاء معتقداتهم الدينية وتقييد ممارسة شعائرهم وطقوسهم توخياً للحذر وتجنّباً لأيّ مكروه قد يلحق بهم على أيدي الفصائل المتشددة الذين يقفون لهم بالمرصاد” حسب قولها.
وتحدثت السيدة “كولي جعفر” إحدى عضوات “اتحاد إيزيديي عفرين” لجمعية ليلون للضحايا حول الانتهاكات التي يتعرض لها الإيزيديون في منطقة عفرين قائلة:
“منذ أنْ احتلت الدولة التركية منطقة عفرين تعرّض الإيزيديون إلى الكثير من الضغوطات من النواحي الاجتماعية والثقافية والدينية، كان إحداها في قرية قيبار عندما زرع عناصر من الجيش الوطني قنبلة متفجرة في منزل أحد الأهالي، وقد توفي على إثرها شخصان: عبدو حمو و فؤاد ناصر عام 2018”.
ويتعرض الإيزيديون لسلسلة انتهاكات من سلب ممتلكاتهم وتدمير مزاراتهم الدينية، حيث أقدم مجموعة من الأشخاص على قطع شجرتين مباركتين في مزار قرية “قيبار“ المعروفة ب “چلخانه” والتي تعدّ مزاراً هاماً لأتباع الديانة الإيزيدية لما تحمله من مكانة هامة لديهم. كما دمّر عناصر الفصائل المسلحة في قرية بافلون وقريتي قيبار وباصوفان، قبور أهالي القرية لإيزيديين في فترة اقتراب أعيادهم. وطالت عمليات السرقة والنهب باب مقبرة إيزيدية في قرية ترنده من قبل فصيل “جيش الإسلام” المسيطر على القرية. من جهته قام مسلحون تابعون لفرقة الحمزة على فرض أتاوات في قرية “برج عبدالو” التابعة لمركز عفرين مبلغاً قدره خمسة آلاف دولار لعدم إجبار السكان الإيزيديين على اعتناق الدين الإسلامي.
وللتضييق على ممارسة الإيزيديين لشعائرهم وطقوسهم الدينية عمد مسلحو الجيش الوطني السوري والمجلس المحلي في عفرين فور سيطرتهم على المنطقة إلى بناء مدرسة للتعليم الأساسي باسم “مدرسة الإمام والخطيب” بتمويل من جمعية كويتية “الشيخ عبدالله النوري الخيرية” وجمعية “الأيادي البيضاء” على أنقاض مقر “اتحاد الإيزيديين” سابقاً في مدينة عفرين بعد تدمير تمثال زاردشت ولالش النوراني – الرموز المقدسة لدى أتباع الديانة الإيزيدية. كما تمّ تحويل منزل لأحد إيزيدي قرية باصوفان الإيزيدية إلى مسجد من قبل فصيل “فيلق الشام”.
قُدّر عدد الإيزيديين في منطقة عفرين وفقاً لإحصاء سري قامت به مؤسسة إيزيدينا بحوالي (35000) شخص حسب إحصائيات “غير رسمية” للمنطقة قبل خضوعها لسيطرة القوات التركية، لتتضاءل أعدادهم إلى أقل من ألف شخصاً فقط بعد الاحتلال التركي للمنطقة. كما يتوزع الإيزيديون على ثلاثة وعشرين قرية معظم سكانها من الإيزيديين، وهناك قرى يتشارك فيها المسلمون والإيزيدون معاً، كما تحوي المنطقة تسعة عشر مزاراً خاصاً بهم.
ولدى جمعية ليلون مخاوف حول مصير الإيزيديين المتبقين داخل المنطقة من استمرار المضايقات من قبل الفصائل المسلحة والاستيلاء على ممتلكاتهم وإجبارهم على اعتناق الإسلام، لذا نطالب المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان بتسليط الضوء على قضايا الانتهاكات المتعلقة بالإيزيديين في منطقة عفرين.