تستمر الفصائل المسلحة بمختلف مسمياتها التابعة للجيش الوطني السوري في ارتكاب الانتهاكات بحق معظم أهالي منطقة عفرين من السكان الأصليين دون إبداء أي احترام أو مراعاة للوضع المعيشي الصعب الذي يعيشه الأهالي، وخاصة العائدين مؤخراً من أماكن النزوح إلى قراهم ومزارعهم ومحاولة استعادة بيوتهم وأراضيهم، إلا أنّ معظمهم يواجهون الاعتقال ومطالبتهم بفدى مالية قد تصل إلى 6000 آلاف دولار أمريكي وذلك لقاء السماح لهم بالبقاء في قريتهم وتسوية أوضاعهم وإعادة ممتلكاتهم، ومنهم من يواجه السجن والتعذيب وخاصة الذين لا يستطيعون دفع تلك المبالغ الضخمة.
ومع اقتراب موسم قطاف محصول الزيتون الذي تشتهر به المنطقة، تزداد حالات سرقة المواسم من قبل الفصائل المسلحة وعناصرها الذين يمنعون الأهالي من البدء بعمليات القطاف في الوقت الذي يقومون فيه ليلاً بالسطو على المواسم وقطاف الزيتون وهم مدججين بالأسلحة، حيث تترافق هذه العملية تكسير أغصان أشجار الزيتون وقطعها.
وقد رصد فريق “ليلون” من خلال باحثيها الميدانيين تلك الانتهاكات عن كثب من خلال متابعة ورصد المواقع الأخبارية والأخبار مفتوحة المصدر التي تنشر أخبار الانتهاكات، وحاولت التأكد من تلك المعلومات، كذلك تواصلت “ليلون” بشكلٍ مباشر مع الضحايا الذين تعرضوا للانتهاكات وتحفّظ معظمهم على إخفاء هوياتهم ومعلوماتهم الشخصية، كما اعتمد الباحثون/ات الميدانيون/ات على المعلومات الواردة من الأهالي القاطنين داخل عفرين في القرى والبلدات والمدن المختلفة، وكذلك من خلال المعلومات التي تم تزويدنا بها من خلال أقارب وجيران ومعارف الضحايا في مناطق النزوح في شهبا وحلب ومناطق شرق الفرات، وكذلك من الأهالي المقيمين في أوروبا والبلدان المجاورة.
حيث قامت “ليلون” لغرض التقرير بإعداد استمارة خاصة لتوثيق الانتهاكات، وطُلب من الباحثين الميدانيين تعبئتها، تضمنت معلومات مفصلة عن الباحث/ة الميداني/ة، وبيانات واضحة عن المصدر/الشاهد مع التحفظ على عدم نشر تلك المعلومات، إضافة إلى معلومات تفصيلية عن الضحية. حيث احتوت الاستمارة على 14 سؤالاً متنوّعاً تشمل جميع جوانب الانتهاك ونوعه والانتهاكات المترافقة، مع ذكر حالة حدوث الانتهاك بشكلٍ مفصل وفق المعلومات المتوفرة لدى المصدر، كما تمّ إرفاق روابط المواقع الإخبارية التي نشرت خبر الانتهاك، وإرفاق الصور الشخصية أو الوثائق أو الفيديوهات إنْ وجدت.
وقد توصّل باحثو “ليلون” خلال شهر أيلول/سبتمبر 2023 إلى توثيق الحالات التالية والتأكّد من ارتكابها بحق المدنيين من السكان الأصليين عبر التواصل المباشر مع المصادر والشهود والضحايا. حيث تم توثيق ارتكاب (20) حالة اعتقال، منها (3) حالات اعتقال للنساء، و(17) حالة اعتقال للرجال. (5) حالات الاستيلاء على محاصيل الزيتون العائدة ملكيتها للمواطنين من السكان الأصليين للمنطقة، و(5) حالات دفع فدى مالية، و(1) حالة سلب منزل، و(1) حالة اعتداء وتهجّم على المدنيين.
وفقاً للمعلومات التي أكدتها “ليلون”، فإنّ الجهات التي ارتكبت الانتهاكات خلال شهر أيلول 2023 هي كالآتي: (6) حالات من قبل الشرطة المدنية، (5) حالات فصيل سلطان مراد، (2) حالة الجيش الوطني، (4) الشرطة العسكرية، (1) الاستخبارات التركية، (6) فرقة الحمزة، (3) فيلق الشام، (3) جيش النخبة، (1) محمد الفاتح، (1) فصيل سليمان شاه، (1) أحرار الشرقية.
والانتهاكات المرتكبة هي على الشكل التالي:
أولاً – حالات الاعتقال ودفع الفدى المالية:
- اعتقل المواطن “لقمان أحمد خليل” في بداية شهر أيلول/ديسمبر 2023 من قبل الفصائل المسلحة التابعة للجيش الوطني السوردي في مدينة جرابلس بعد عودته من حلب إلى قريته “قزل باش” التابعة لناحية بلبل في منطقة عفرين. حيث طالبوه بدفع فدية مالية قدرها 6000 ستة آلاف دولار. يذكر أن المواطن لقمان خليل يعاني من مرضٍ مزمن. وقد تم إطلاق سراحه في 30 أيلول/سبتمبر 2023 بعد دفعه فدية مالية.
- بتاريخ 5 أيلول/سبتمبر 2023 تمّ اعتقال المواطن “عصمت محمد محمد”، 48 عاماً من أهالي قرية وليلكليه/ميدانا التابعة لناحة راجو من قبل الشرطة المدنية بتهمة التعامل مع الإدارة الذاتية السابقة. والجدير بالذكر أنه تم اعتقاله سابقاً في العام الماضي.
- اعتقلت الاستخبارات التركية المواطن “هاشم غزال” من المكون العربي من أهالي قرية “بابليت” التابعة لناحية جنديرس بتاريخ 6 أيلول/سبتمبر 2023 من عشيرة عميرات، بتهمة الخروج في نوبات الحراسة أثناء الإدارة الذاتية السابقة في عفرين، وطالبوه بدفع فدية مالية، لكنه رفض دفع الفدية، لذا قاموا باعتقاله، وتمّ الإفراج عنه بعد أن اضطرّ لدفع الفدية.
- تم اعتقال المواطن “جميل حكمت جعفر بن زينب” من قبل فصيل “سلطان مراد” التابع للجيش الوطني السوري بتهمة التعامل مع الإدارة الذاتية السابقة وذلك بتاريخ 6 أيلول/سبتمبر2023 من منزل جده بقرية معملا/معمل أوشاغي التابعة لناحية معبطلي بعد عودته من حي الشيخ مقصود بحلب إلى قريته، وبقي ثلاثة أيام عند جده في القرية. كان ينوي السفر إلى تركيا ومنها إلى ألمانيا حيث يقيم والده هناك. وتم اعتقاله في اليوم الرابع من وصوله. حيث يطالبه الفصيل دفع فدية مالية قدرها 3000 ثلاثة آلاف دولار لقاء إطلاق سراحه.
- اعتقل فصيل “فرقة الحمزة” المعروف بالحمزات بتاريخ 11 أيلول/سبتمبر 2023 ستة مواطنين في قرية “كيمار” التابعة لشيراوا، إثر مقتل ثلاث عناصر من الحمزات في هجومٍ صاروخي استهدف مواقعهم. والمعتقلين هم كل من:
- محمد عبد الحنان حسين 38 عاماً
- أحمد عبد الحنان حسين 43 عاماً
- جميل زهير 45 عاماً، نازح، كان راعي غنم لدى “أبو جابر” المسؤول الأمني
- محمد سامي نجار 37 عاماً
- خليل إبراهيم كالو 57 عاماً
- رمضان يوسف كالو 40 عاماً
قام فصيل الحمزات في قرية “كيمار” باقتحام جميع منازل القرية وتفتيشها بعد انفجار صاروخ في القرية، لأنّ بعض العائلات قامت بجمع بقايا النحاس من ذلك الصاروخ لبيعها، حيث وقعت أجزاء منها على أسطح منازلهم، فقام الفصيل باعتقال كلّ من وُجد النحاس في منزله.
والجدير بالذكر أنّ كل من “محمود عبد الحنان حسين” و”أحمد عبد الحنان حسين” كانا قد اعتقلا سابقاً في بداية احتلال عفرين، وقضى كل واحد منهم مدة سنة كاملة في السجن، ودفعا مبلغاً من المال حتى تم اخلاء سبيلهما.
وتم الافراج عن “محمد سامي نجار”، و”رمضان يوسف كالو”، بعد يوم من اعتقالهما، فيما لا يزال البقية قيد الاعتقال.
- قام عناصر الشرطة المدنية في ناحية بلبل بتاريخ 11 أيلول/سبتمبر 2023 باعتقال المواطن “مصطفى حبيب” من أهالي قرية “قورنه” التابعة لناحية بلبل بعد أن عاد من مدينة حلب لقطف موسم الزيتون، إثر مطالبته بمنزله المستولى عليه، واقتادوه إلى مركز الناحية. وفيما بعد طالبوه بدفع فدية مالية قدرها 1000 ألف دولار لقاء إطلاق سراحه، لكن بعد تدخل الجيران والمختار قام بدفع مبلغ 500 دولار حتى أطلق سراحه.
- اعتقلت الشرطة المدنية في عفرين بتاريخ 22 أيلول/سبتمبر 2023 المواطن “محمد رمزي كيلو” والدته صالحة، 29 عاماً، متزوج أب لأربعة أولاد من أهالي قرية “أرندة” التابعة لناحية شيه/شيخ الحديد، ويقيم في قرية “سوركه” التابعة لناحية راجو، وقد تم اعتقاله بعد عودته من منطقة شهبا. ولا يعرف سبب اعتقاله. يذكر أنّ السلطات طالبته بدفع مبلغ قدره 1500 دولار وإلا سوف يقضي ثلاث سنوات في السجن.
- اعتقلت الشرطة المدنية في راجو بتاريخ 22 أيلول/سبتمبر 2023 المواطن “محمد خليل خليل”، 40 عاماً من قرية “دميليا” التابعة لناحية راجو، بعد عودته من حلب مع زوجته وأولاده. وتم اعتقاله بحجة التعامل مع الإدارة الذاتية السابقة، وتم تحويله إلى فرع الشرطة المدنية في عفرين، وما يزال قيد الاعتقال. وطالبوه بفدية مالية قدره 4000 ليرة تركية لقاء إطلاق سراحه.
- أقدمت عناصر من الشرطة المدنية بتاريخ 24 أيلول/سبتمبر 2023 على اعتقال مواطنتين كرديتين من أهالي قرية شيخوتكا التابعة لناحية معبطلي، بتهمة التعامل مع الإدارة الذاتية السابقة، إحداهن معلمة مدرسة، وهما:
- نظيرة حميد محمد، 33 عاماً
- آحاد يوسف سيدو، 35 عاماً معلمة مدرسة
- اعتقل فصيل “محمد الفاتح” بتاريخ 25 أيلول/سبتمبر 2023 المواطن “جانكين محمد” من قرية “عرب أوشاغي” التابعة لناحية معبطلي في منطقة عفرين، بعد أيامٍ من عودته من مدينة حلب بسبب تدهور وضعه الاقتصادي. وهو وحيد لوالديه اللذان يقيمان في القرية. يذكر أنّ والده قبل عودته إلى القرية أخبر الفصيل بأنّ ابنه سوف يعود إلى القرية، وطالبوه بدفع فدية مالية قدرها 2500 ألفين وخمسمائة دولار للسماح له بالعودة إلى القرية، إلا أنهم قاموا باعتقاله بعد عودته، ولا يزال قيد الاعتقال بحجة تسوية أوضاعه.
- بتاريخ 27 أيلول/ديسمبر 2023 اعتقلت الشرطة العسكرية في عفرين بالإشتراك مع فصيل “سلطان مراد” المسيطر على قرية ميركان/حسيه التابعة لناحية معبطلي، ثلاث مواطنين كرد من منازلهم في قرية ميركان، وهم كل من:
- فهيمة أحمد طاهر، 25 عاماً، لم يعرف سبب اعتقالها، لكن زوجها خرج مؤخراً من السجن بعد قضائه لثلاث سنوات.
- محمد أحمد مصطفى حاجي، 40 عاماً، بتهمة الانضمام للقوات العسكرية التابعة للإدارة الذاتية.
- عبدو عزت، 30 عاماً، لم يعرف سبب اعتقاله.
- تم اعتقال المواطن “كاوا شيخو”، 27 عاماً من قبل الشرطة العسكرية بتاريخ 20 أيلول/سبتمبر 2023 في قرية “خلالكا” التابعة لناحية بلبل بسبب مطالبته لمنزله، وتم اقتياده الى مركز ناحية بلبل، حيث كان قادماً من لبنان. وما يزال قيد الاعتقال.
ثانياً – حالات سرقة محصول الزيتون:
- قام عدد من عناصر الجيش الوطني السوري يوم الثلاثاء بتاريخ 12 أيلول/سبتمبر2023 بسرقة محصول الزيتون ل(75) شجرة من حقل المواطن “حنان حسن” من أهالي قرية “سعرينجك” التابعة لناحية شران، الكائن على طريق قلعة النبي هوري، ومن ثم قطع الأشجار بغرض بيعها حطباً.
- بدأت عمليات سرقة مواسم الزيتون في مزارع قرية “ميدانكي” في أواسط شهر أيلول/سبتمبر 2023، وبحسب المصدر فقد تعرضت العديد من حقول الزيتون للسرقة في قرية ميدانكي، العائدة ملكيتها للأشخاص التالية أسماءهم:
- 20 شجرة للمواطن شيخو حيدر شيخ عيسى
- كرم زيتون للمواطن محمد حمي شيخ عيسى
- 70 شجرة للمواطن إبراهيم شيخ عثمان، الملقب ب”أبو علي”
إضافة إلى حقول أخرى دون ذكر أسماء أصحابها. وكلهم من أهالي وسكان قرية ميدانكي. حيث يقوم عناصر “فيلق الشام” بقيادة “أبو النور” قائد الفيلق المسيطر على المنطقة الممتدة من ميدانكي حتى بلدة بلبل بعمليات سرقة الزيتون، كما يقوم “سلطان أبو محمود سفيري” رئيس مقر السد في ميدانكي بتوجيه عناصره مدججين بالأسلحة لقطاف أشجار الزيتون العائدة ملكيتها للمدنيين الكرد في المنطقة، ويشارك في عمليات سرقة وقطاف الزيتون فصيل “جيش النخبة” بقيادة “أبو خالد الأدلبي”. ويتفاجأ أصحاب تلك الحقول فيما بعد بعملية سرقة الموسم مع تكسير أغصان الأشجار، الأمر الذي دعاهم لتقديم شكاوي للجهات المعنية لكن دون جدوى وفق المصدر.
- قام فصيل “سلطان مراد” برفقة مجموعة من النازحين المقربين منه بتاريخ 23 أيلول/سبتمبر 2023 ليلاً على سرقة موسم الزيتون لـ(60) شجرة على طريق قرية “بافليون” التابعة لناحية شران عائدة ملكيتها للمواطن “حنان رشيد جاويش أبو رشاد”، 69 عاماً من أهالي قرية سينكه/سنكرلي التابعة لناحية شران، حيث تم نقل الزيتون المسروق إلى معاصر مدينة اعزاز.
ثالثاً- انتهاكات أخرى:
- ما يزال المواطن “رسول حبيب”، 58 عاماً من أهالي بلدة معبطلي، يقيم مع زوجته في منزلٍ له في بستانه الخاص بعد استيلاء فصيل العمشات على منزله في القرية. عند احتلال عفرين ذهب وسكن في البستان خوفاً من قطع أشجاره وسلبها. ومنذ فترة بدأ يطالب بمنزله الذي يقع داخل القرية ويقطنه عوائل المسلحين، حيث دفع مبلغ قدره 400 دولار لفصيل العمشات لقاء استلام المنزل.
- هاجم عدد من عناصر من فصيل “أحرار الشرقية” التابع للجيش الوطني السوري يوم الجمعة بتاريخ 8 أيلول/سبتمبر 2023 بشكل همجي على منزل الشاب “أحمد مصطفى سليمان”، من أهالي قرية “بركا” التابعة لناحية معبطلي والمقيم في مدينة عفرين بالقرب من مدرسة الصناعة، بعد قطعه سلك كهربائي ممتد بين منزله ومنزل جاره المستولى عليه من قبل أحد عناصر فصيل “أحرار الشرقية”، حيث قام أحمد بقطع السلك بعد أن اكتشف أنّ جاره يسرق منه الكهرباء، مما أزعج العنصر وهاجم المنزل بمجموعة من عناصر الفصيل مدججين بالأسلحة. ونتيجة شعوره بحالة من الزعر والخوف حاول الفرار مع زوجته ووالدته من خلال الهروب من الشرفة، مما أدّى إلى إصابته بكسر في القدم ورضوض متفاوتة في الجسد، وتمّ نقله إلى المشفى السوري التخصصي لتلقي العلاج. علماً بأن الشاب أحمد قد رُحل قبل أشهر من الأراضي التركية إلى الداخل السوري، و تزوج قبل فترة قصيرة.