إبرازاً لأهمية “الأدب الشفاهي” في حياة الشعوب والأقوام، ألقى عضو “جميعة ليلون للضحايا” الكاتب “وليد بكر” من مكان نزوحه القسري في مدينة القامشلي/قامشلو، أمسية خصصّها للحديث عن “الأدب الشفاهي في عفرين” وذلك بحضور عدد من المثقفين/ات والمهتمين/ات بالأدب والثقافة.
سلّط “بكر” خلال الندوة الضوء على أهمية الأدب تاريخياً، كما تطرّق إلى نوعيه الشفاهي والمكتوب، وأهميته لدى الكرد بشكل عام وفي منطقة عفرين على وجه الخصوص. متحدثاً عن عدد من الملاحم الكردية المشهورة والأساطير، منها: “أسطورة أزدهاك” و”رستم زال” و”ممي شفان” و”لاوكي غريب” و”جبل جودي” و”جبل آكري” و”نهر منذر” و”شاه ماران” و”الليل والنهار”.
أمّا الملاحم التي ذكرها عضو جميعة ليلون فكانت “ملحمة سيامند وخجه” و”فرهاد وشيرين” و”درويشي عبدي وعدوله” و”بنفشه نارين وجمبلي” و”خانه” و”زمبيل فروش” و”ممي آلان” و”دلال” وملحمة “فاطمة صالح آغا”.
وتطرق “بكر” في حديثه خلال المحاضرة إلى القصص الشعبية الشفهية التي كان يسردها الآباء والأجداد في ليالي الشتاء وفي جلسات الأهل والأحبّة بأسلوبٍ شيّق وجذاب، إضافةً إلى سرد بعضاً من أقوال الأسلاف والتي تم تداولها كحكم وأمثال شعبية كردية.
وركّز خلال حديثه في هذا الجزء على سرد الأساطير والملاحم عبر أسلوبي السرد القصصي والأسلوب الغنائي من قبل حكواتيين محترفين ومغنين مهرة الذي تميزت به منطقة عفرين بشكل خاص، كما ذكر بعض أسماء المغنين والفنانين الشعبيين الذين أبرزوا تلك القصص بغنائهم الملحمي، ومنهم: “حموش كورك” و”إبراهيم تركو” و”جميل كاريه” و”جميل هورو” و”عمر جملو” و”آديك نجار” و”علي زنوبه” و”خليله ربنو” و”خليل بود” و”علي تجو” و”نظمي عمر” و”أحمد داغلي” و”أحمد علكور” و”عبد الرؤوف” و”عليكو” و”بافه صلاح” وآخرون.
إضافة إلى ذكر بعض القصص التي يتم سردها غنائياً وتداولها في منطقة عفرين ومنها: “سينم” و”بابوك” و”ممي آلان” و”خليل بك” و”لاوكي متيني” و”حليمه خاتون”.
وفي سياق الأمسية تمّ ذكر أهم الملاحم التي تشتهر بها منطقة عفرين ومنها: “رقيب أحمد” و”جعفر قوربات” و”مريما محو بك” و”فتاح بك” وطاير آغا” و”عزيز تك مصطفى” و”حنيفة وبسمام” و”أسمر” و”خورزي محمد” و”شيخ سعيد” و”بي مال” و”بريفانا جندي” و”دامياز أوغلو” و”خليل وحنان” و”أوسبه شر” و”صالح نعسو” و”عيشا إيبه” و”زينبه أوسي”، والتي تعتبر من أشهر ملاحم الحب المغناة في منطقة عفرين، حيث لا تخلو حفلة زفاف إلا ويتم غناءها إضافة إلى أغنية “عيشه إيبه”.
وكذلك خصَّ الباحث بعض الملاحم الفلكلورية في كردستان والتي يتم غنائها في منطقة عفرين منذ مئات السنين من ضمنها “سيامند وخجي” و”مم وزين” و”فرهاد وشيرين” و”ممي آلان” و”جبلي” و”دلال” و”حلوجي كوزل” وإلخ.
وفي نهاية المحاضرة تم سرد ملحمة “زينبه أوسه” بشكل موجز والولوج في حيثيات هذه القصة، وكيفية بدئها وانتهائها، والتي اعتبرها الكاتب بأنها “قصة حب من طرف واحد”، وهو الرجل، وذلك بسبب العادات والتقاليد الاجتماعية التي كانت تحدّ من حرية المرأة للتعبير عن مشاعرها، حيث تتم سردها من خلال الدخول في أعماق أحاسيس الرجل (عاشق زينب الذي هو خطيبها) دون الخوض في موقف ومشاعر الطرف الآخر أي الحبيبة.
وأشار المحاضر أنّه كان قد أجرى بحثاً من قبل حول هذه الملحمة وبأنها قصة حبّ جميلة نبتت في ربوع قرية بمنطقة عفرين وامتزجت تلك المشاعر الرقيقة بطبيعة القرية الجبلية الجميلة، حيث يتم من خلال هذه الملحمة وصف دقيق للمعشوقة زينب وأخلاقها العالية من خلال التعامل مع جيرانها وأقربائها وأفراد أسرتها، إضافة إلى جمال شكلها من طول قامتها، ونحافتها وشعرها الطويل.
إنّ قصة “زينب” هي واحدة من قصص التراجيديا الكردية التي تنتهي بحزنٍ عميق دون أن يحقق المعشوقان مرادهما. فتموت “زينب “بعد صراعٍ مع المرض، لكنّ حبّ حبيبها العميق لها وكذلك تأثر جميع من عرفوها بموتها ابتداءً من الفلاح وانتهاءً بإمام الجامع، جعلتها رمزاً للحب والتسامح والجمال أغنت تراث المنطقة بجمال هذا الحب، وأصبحت قصة خالدة ما تزال تلك الأغنية تتردّد على لسان كل الأجيال في عفرين.
يُذكر أنّ المحاضرة ألقيت يوم السبت 25 آذار/مارس 2023، في مركز اتحاد مثقفي روجآفايي كردستان HRRK في محافظة الحسكة شمال شرق سوريا.